تحليل خطبة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع
خطبة حجة الوداع ثانوية ناصري رمضان
قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
} الحَمَدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيهِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهِدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمّداً عَبْدُهُ وَرُسُولُهُ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَأَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَأَسْتَفْتِحُ بِالّذِي هُوَ خَيْرٌ، أَمَّا بَعْدُ : أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي أُبَيِّنُ لَكُمْ ، فَإنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا فِي مَوْقِفِي هَذَا، أَيُّهَا النَّاسُ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ فاشْهَدْ ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا، وَإنَّ رِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَلَكِنْ لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ، وقَضَى اللهُ أَنَّهُ لاَ رِبَا ، وَإِنَّ أَوَّلَ رِباً أَبْدأ بِهِ رِبَا عَمِّي العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، وَإنَّ دِمَاءَ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وَإنَّ أَوَّلَ دَمٍ نَبْدَأُ بِهِ دَمُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَإِنَّ مَآثِرَ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، غَيْرَ السِّدَانَةِ وَالسِّقَايَةِ ، وَالعَمْدُ قَوَدٌ ، وَشِبْهُ العَمْدِ : مَا قُتِلَ بِالعَصَا وَالحَجَرِ، وَفِيهِ مِائَةُ بَعِيرٍ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
أما بعد : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعبَدَ فِي أَرْضِكُمْ هَذِهِ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحْقِرُونَ ِمنْ أَعْمَالِكُمْ فاحذروه على دينكم ، أَيُّها النَّاسُ : إِنَّما النَّسِيء زيادةٌ في الكُفْرِ يضِلُّ بِهِ الذِّينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرّمَ اللّهُ فَيُحِلّوا مَا حَرّمَ اللَّهُ ، و إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كتِابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السّماواتِ وَالأَرْضَ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ : ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ : ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَ المُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ مضر الذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ .
أما بعد : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقّاً ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ غَيْرَكُمْ ، وَلاَ يُدْخِلْنَ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ بُيُوتَكُمْ إِلاَّ بِإِذْنِكُمْ ، وَلاَ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَعْضُلُوهُنَّ وَتَهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ ، وَتَضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فَإِنِ انْتَهِينَ وَأَطَعْنَكُمْ فَعَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسوتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَ استوصوا بالنِّسَاءُ خيرا فإنهن عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لاَ يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ شَيْئاً ، إنكم إنما أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ وَ اسْتَوصُوا بِهِنَّ خَيْراً ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ فاشْهَدْ .
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ ، وَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ مَالُ أَخِيهِ إِلاَّ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ.
فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعُضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، فَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ، ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ.
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، إن أَكْرَمُكْمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ، وَلَيْسَ لِعَرَبِيّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ إِلاَّ بِالتَّقْوَى ، أَلاَّ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ فاشْهَدْ . قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ : فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ الِميرَاثِ ، فَلاَ يجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ ، وَلاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَالوَلَدُ لِلفِراشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه {
ملاحظة :
نص الخطبة عبارة عن مجموعة من الروايات ضمت بعضها إلى بعض و لم ترد بهذا الشكل و الترتيب في رواية مفردة ..
المناسبة والظروف :
في السنة العاشرة للهجرة أحس بدنو أجله فأذن في الناس بالحج يعلمهم الركن الأخير من دينهم ، ومن على صعيد جبل الرحمة بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة ألقى خطبته هذه على خلق كثير من الصحابة تجاوز عددهم المائة ألف لينزل قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ))[ المائدة /03 ] .
تحليل نص الخطبة :
كانت هذه الخطبة بمثابة البيان الختامي لرسالة الإسلام .. جامعة لأصول الدين و أحكامه ...كاشفة لضروراته و كلياته ..نعالج مضمونها في نقاط :
1. حسن الاستفتاح : بدأ صلى الله عليه وسلم بالحمد و الثناء ثم ثنى بالشهادتين و الحث على طاعة الله ..
2. الاستهلال المثير للانتباه : حيث باشر الكلام بجملة خبرية هزت الجمهور السامع و أثرت فيه أيما تأثير كيف لا و فيها الإعلان عن ختم الرسالة و دنو الأجل ...قال :( فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا..)
3. التأكيد على حرمة الزمان و المكان و الإنسان ( إن دماءكم و أموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )
4. إبطال كل عادات الجاهلية القبيحة من مراباة و ثأر و تفاخر بالأنساب و تلاعب بالأشهر الحرم..( إن مآثر الجاهلية موضوعة ..)
5. الإعلان الرسمي عن انتهاء الوثنية في شبه الجزيرة ، و التحذير من مداخل الشيطان ( إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ..) .
6. تنظيم العلاقات الأسرية بالدعوة إلى الرفق بالمرأة و بيان ما لها من حقوق و ما عليها من واجبات ( استوصوا بالنساء خيرا ) .
7. توطيد الروابط الإنسانية بالأخوة ، وأن أخوة الدين أعلى من أي اعتبار ..( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
8. النهي عن التفرق و الإختلاف بالاعتصام بالكتاب و السنة ( فإني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده : كتاب الله وسنة نبيه ) .
9. الإشهاد أن الرسول قد أدى الأمانة و بلغ الرسالة و نصح لأمته ، ( اللهم هل بلغت ....اللهم فاشهد ) .
10. بيان بعض الأحكام الفقهية كأحكام القصاص و الميراث و الوصية .....
الأحكام و التوجيهات التي تضمنتها الخطبة:
1. حرمة الدماء و الأعراض و الأموال: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) .
2. وجوب أداء الأمانة (فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ) .
3. حرمة عادات و مآثر الجاهلية كالنسيء والثأر ماعدا السقاية و السدانة (وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية ) .
4. تحريم الربا .
5. وجوب القصاص في قتل العمد و الدية في شبه العمد ( و العمد قود و شبه العمد ما قتل بالعصى والحجر و فيه مئة بعير ) .
6. التحذير من إتباع خطوات الشيطان ومحقرات الذنوب (..ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم..) .
7. الوصية بالمرأة خيرا : ( فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً ) .
8. الحث على الوحدة والأخوة : ( إنما المؤمنون إخوة... ) .
9. وجوب نفقة الزوج على الزوجة و الأولاد .
10. وجوب التمسك بالكتاب و السنة : ( فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه..) .
11. التنبيه إلى مبدأ المساواة الإنسانية : ( كلكم لآدم وآدم من تراب ...) .
12. بيان أحكام الميراث والنسب والوصية والتحذير من التبني ( إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه... من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. ) .
خطبة حجة الوداع ثانوية ناصري رمضان
قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
} الحَمَدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيهِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهِدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمّداً عَبْدُهُ وَرُسُولُهُ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَأَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَأَسْتَفْتِحُ بِالّذِي هُوَ خَيْرٌ، أَمَّا بَعْدُ : أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي أُبَيِّنُ لَكُمْ ، فَإنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا فِي مَوْقِفِي هَذَا، أَيُّهَا النَّاسُ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ فاشْهَدْ ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا، وَإنَّ رِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَلَكِنْ لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ، وقَضَى اللهُ أَنَّهُ لاَ رِبَا ، وَإِنَّ أَوَّلَ رِباً أَبْدأ بِهِ رِبَا عَمِّي العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، وَإنَّ دِمَاءَ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وَإنَّ أَوَّلَ دَمٍ نَبْدَأُ بِهِ دَمُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَإِنَّ مَآثِرَ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، غَيْرَ السِّدَانَةِ وَالسِّقَايَةِ ، وَالعَمْدُ قَوَدٌ ، وَشِبْهُ العَمْدِ : مَا قُتِلَ بِالعَصَا وَالحَجَرِ، وَفِيهِ مِائَةُ بَعِيرٍ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
أما بعد : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعبَدَ فِي أَرْضِكُمْ هَذِهِ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحْقِرُونَ ِمنْ أَعْمَالِكُمْ فاحذروه على دينكم ، أَيُّها النَّاسُ : إِنَّما النَّسِيء زيادةٌ في الكُفْرِ يضِلُّ بِهِ الذِّينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرّمَ اللّهُ فَيُحِلّوا مَا حَرّمَ اللَّهُ ، و إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كتِابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السّماواتِ وَالأَرْضَ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ : ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ : ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَ المُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ مضر الذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ .
أما بعد : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقّاً ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ غَيْرَكُمْ ، وَلاَ يُدْخِلْنَ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ بُيُوتَكُمْ إِلاَّ بِإِذْنِكُمْ ، وَلاَ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَعْضُلُوهُنَّ وَتَهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ ، وَتَضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فَإِنِ انْتَهِينَ وَأَطَعْنَكُمْ فَعَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسوتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَ استوصوا بالنِّسَاءُ خيرا فإنهن عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لاَ يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ شَيْئاً ، إنكم إنما أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ وَ اسْتَوصُوا بِهِنَّ خَيْراً ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ فاشْهَدْ .
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ ، وَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ مَالُ أَخِيهِ إِلاَّ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ.
فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعُضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، فَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ، ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ.
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، إن أَكْرَمُكْمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ، وَلَيْسَ لِعَرَبِيّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ إِلاَّ بِالتَّقْوَى ، أَلاَّ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ فاشْهَدْ . قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ : فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ الِميرَاثِ ، فَلاَ يجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ ، وَلاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَالوَلَدُ لِلفِراشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه {
ملاحظة :
نص الخطبة عبارة عن مجموعة من الروايات ضمت بعضها إلى بعض و لم ترد بهذا الشكل و الترتيب في رواية مفردة ..
المناسبة والظروف :
في السنة العاشرة للهجرة أحس بدنو أجله فأذن في الناس بالحج يعلمهم الركن الأخير من دينهم ، ومن على صعيد جبل الرحمة بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة ألقى خطبته هذه على خلق كثير من الصحابة تجاوز عددهم المائة ألف لينزل قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ))[ المائدة /03 ] .
تحليل نص الخطبة :
كانت هذه الخطبة بمثابة البيان الختامي لرسالة الإسلام .. جامعة لأصول الدين و أحكامه ...كاشفة لضروراته و كلياته ..نعالج مضمونها في نقاط :
1. حسن الاستفتاح : بدأ صلى الله عليه وسلم بالحمد و الثناء ثم ثنى بالشهادتين و الحث على طاعة الله ..
2. الاستهلال المثير للانتباه : حيث باشر الكلام بجملة خبرية هزت الجمهور السامع و أثرت فيه أيما تأثير كيف لا و فيها الإعلان عن ختم الرسالة و دنو الأجل ...قال :( فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا..)
3. التأكيد على حرمة الزمان و المكان و الإنسان ( إن دماءكم و أموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )
4. إبطال كل عادات الجاهلية القبيحة من مراباة و ثأر و تفاخر بالأنساب و تلاعب بالأشهر الحرم..( إن مآثر الجاهلية موضوعة ..)
5. الإعلان الرسمي عن انتهاء الوثنية في شبه الجزيرة ، و التحذير من مداخل الشيطان ( إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ..) .
6. تنظيم العلاقات الأسرية بالدعوة إلى الرفق بالمرأة و بيان ما لها من حقوق و ما عليها من واجبات ( استوصوا بالنساء خيرا ) .
7. توطيد الروابط الإنسانية بالأخوة ، وأن أخوة الدين أعلى من أي اعتبار ..( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
8. النهي عن التفرق و الإختلاف بالاعتصام بالكتاب و السنة ( فإني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده : كتاب الله وسنة نبيه ) .
9. الإشهاد أن الرسول قد أدى الأمانة و بلغ الرسالة و نصح لأمته ، ( اللهم هل بلغت ....اللهم فاشهد ) .
10. بيان بعض الأحكام الفقهية كأحكام القصاص و الميراث و الوصية .....
الأحكام و التوجيهات التي تضمنتها الخطبة:
1. حرمة الدماء و الأعراض و الأموال: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) .
2. وجوب أداء الأمانة (فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ) .
3. حرمة عادات و مآثر الجاهلية كالنسيء والثأر ماعدا السقاية و السدانة (وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية ) .
4. تحريم الربا .
5. وجوب القصاص في قتل العمد و الدية في شبه العمد ( و العمد قود و شبه العمد ما قتل بالعصى والحجر و فيه مئة بعير ) .
6. التحذير من إتباع خطوات الشيطان ومحقرات الذنوب (..ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم..) .
7. الوصية بالمرأة خيرا : ( فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً ) .
8. الحث على الوحدة والأخوة : ( إنما المؤمنون إخوة... ) .
9. وجوب نفقة الزوج على الزوجة و الأولاد .
10. وجوب التمسك بالكتاب و السنة : ( فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه..) .
11. التنبيه إلى مبدأ المساواة الإنسانية : ( كلكم لآدم وآدم من تراب ...) .
12. بيان أحكام الميراث والنسب والوصية والتحذير من التبني ( إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه... من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. ) .
الخميس يناير 23, 2014 7:41 pm من طرف أمينة
» حق والدين
الخميس يناير 23, 2014 7:33 pm من طرف أمينة
» أسرار القرآن العددية العدد 7 في القرآن الكريم
الخميس يناير 23, 2014 7:31 pm من طرف أمينة
» [center][b]قصة حقا تستحق القراءة[/b][/center] [color=#3333cc] :!: :monkey: [/color]
الخميس يناير 23, 2014 7:30 pm من طرف أمينة
» مثل ما تعامل والديك تجازى من أبنائك!!
الخميس يناير 23, 2014 7:23 pm من طرف أمينة
» أوصيكم بتقوى الله و طاعة الوالدين
الخميس يناير 23, 2014 7:20 pm من طرف أمينة
» أعرف قدر كل شيء تملكه
الإثنين أكتوبر 22, 2012 11:09 am من طرف وفاء
» طريقة جميلة جداَ لقيام الليل بأقل جهد و مشقه
الإثنين يونيو 11, 2012 6:18 pm من طرف حسناء
» من أقوال د.راغب السرجاني
الإثنين يونيو 11, 2012 6:14 pm من طرف حسناء